الزاوية التجانية بقمار - الجزائر

بواسطة مجلة السلام بتاريخ الأحد، 30 سبتمبر 2012 | 5:17 ص


الزاوية التجانية بقمار - الجزائر

ساهمت الزاوية التجانية بقمار في نشر الطريقة التجانية ونبذ الصراعات القبلية والخارجية بالمنطقة، ولا زالت إلى اليوم تواصل دورها العلمي والثقافي بإشراف من الخليفة سيدي محمد العيد الثالث.
يرجع تأسيس الزاوية التجانية بقمار إلى اتّصال سيّدي محمد الساسي القماري بالشيخ سيّدي أحمد التجاني عندما رحل إلى مدينة الأغواط لتعليم القرآن والفقه للصبية.
وفي سنة 1198هـ سمع بالشيخ سيّدي أحمد التجاني، زاره في عين ماضي وأعجب به وأخذ عنه الطريقة. وحثّه الشيخ على الرجوع إلى بلده قمار لنشر الطريقة، فامتثل سيّدي محمد الساسي لأمر الشيخ وبدأ فيما أمر به شيخه، فاستجاب له العديد من سكّان قمار.
  وفي سنة 1201هـ قرر جماعة من أهل قمار زيارة الشيخ بعين ماضي، وكانوا عشرة رجال، وهُمْ السادة الفضلاء:
1-    سيّدي محمد الساسي 
2-    سيّدي الطاهر بن عبد الصادق 
3-    سيّدي عبد الله بدّه 
4-    سيّدي أحمد بن داس 
5-    سيّدي أحمد منصور 
6-    سيّدي أحمد بن سعد 
7-    سيّدي علي بن حنيش 
8-    سيّدي محمد بن أبي القاسم 
9-    سيّدي محمد باسه 
  ومن بلدة تغزوت، القريبة من قمار: 
10- سيّدي أحمد بن سليمان الرابحي

مساهمة زاوية قمار في استقرار المنطقة:

وقد احتضنت الأحباب وكانت في انطلاقها لا تتعدّى m281، جمعت المريدين للذكر وتلاوة القرآن، وللالتقاء والتزاور ولنشر الطريقة. وبانتقال الشيخ سيّدي أحمد التجاني للرفيق الأعلى، ملبّيا نداء مولاه، أشرف على هاته الزاوية العامرة مباشرة، تنظيما وتوسيعا، الخليفة الأعظم الشيخ سيّدي الحاج علي التماسيني وخلفائه من بعده، فكانت هاته الزاوية قلعة للعلم والمعرفة، وساهمت بقسط وافر في النهضة العمرانية والفلاحية والعلمية.
  لقد عملت زاوية قمار، ممثَّلة في شيخها، في استقرار منطقة سُوف، وساعدها على ذلك انتشار الطريقة بين جميع العروش وعمائر المنطقة، وقد نقل لنا التاريخ أنّ الخليفة الأعظم سيّدي الحاج علي التماسيني تمكّن من إخماد فتن قديمة وصراعات مميتة بين قبائل سُوف، كما سجّلت الذاكرة الجماعية في هاته الربوع موقفه حين قال: "لقد حفرنا حفرة للأحقاد القديمة ودفنّاها، ومن أخرجها فلا يلومنّ إلاّ نفسه". وعمل خلفاؤه على نهجه من بعده في إصلاح ذات البين وتهدئة النفوس، وتوجيه عناية العباد للتوجّه إلى الله تعالى، وخدمة الأرض بغراسة النخيل والتجارة ومختلف النشاطات الحيوية، حتى غدت سُوف جُحْرَ نمل بشريّ: حياكة وزراعة وتجارة وتربية مواشي وعمارة ورفع لراية العلم الشريف.

الزاوية التجانية بقمار والعلم:

إنّ الزاوية التجانية بقمار، التي أشرف على تنظيمها الإمام الخليفة الأعظم الشيخ سيّدي علي التماسني، حملتْ لواء العلم بتشجيع الناشئة على التعليم، فأرسلت وفودا من أبنائها ومريديها إلى جامعة الزيتونة لينهلوا من مختلف المعارف الدينية واللغوية، وشجّعت على فتح المدارس القرآنية.
  فزاوية قمار، على غرار جميع الزوايا التابعة للطريقة التجانية، صباحها عامر بالصبية للقرآن الكريم وحفظه في الصدور وعلومه وتفسيره والسنة النبوية الطاهرة ونشرها في أوساط الناشئة، ومساؤها لحلقات الذكر والحزب الراتب وجلسات التذكير وإصلاح ذات البين.
  وقد نقل تاريخ سُوف أنّ أوّل مدرسة نظامية احتضنتها المنطقة كانت بالزاوية التجانية حيث يقدّم فيها مختلف المعارف بالطريقة الحديثة التي تعتمد على تنوع المعارف، والطرق التربوية والبيداغوجية الحديثة.

زاوية قمار واطعام الطعام في ايام المسغبة:

إنّ الزاوية التجانية بقمار، تحت قيادة الخليفة الأعظم سيّدي الحاج علي التماسيني وخلفائه رضي الله عنهم، قامت بدور رائد في خدمة العلم الشريف، وفي الاستقرار، وفي غراسة النخيل وتنشيط الهمم خدمة للأرض للإكتفاء الذاتي، وفي زرع روح الاعتماد على الله تعالى، وعلى القدرات الذاتية، وفي الحفاظ على الهويّة الوطنية في أصعب الظروف وأقساها أمام أعتى حملات التغريب والمسخ إبّان الحقبة الاستعمارية الشرسة.
  وها هي الآن تساهم بقسط وافر في الانبعاثات الوطنية الحديثة في مجال العلم والثقافة، وتلميع الهويّة الوطنيّة، وربط الجيل بجذوره ومنطلقاته.
  إنّ الزاوية التجانية بقمار لم تتوقّف يوما عن خدمة البلاد والعباد منذ نشأتها فكانت بحقّ منارة، بل دوحة يستظلّ بها المُرهقون من دروب الحياة.

الزاوية التجانية بقمار وثورة التحرير المباركة 1954 - 1962م:

 لقد سجّل التاريخ لسُوف أنّها كانت مشتلة الثورة المباركة. حين زارها البطل الشهيد محمد بلوزداد ، وجملة من إخوانه - محمد بوضياف وسعيد إدريس- في صائفة 1947 جاءوا يحملون فكرة "ما أُخِذَ بالقوّة لا يُسترَدّ إلاّ بالقوّة" حين آمنوا أنّ الإستقلال لا يكون إلاّ بالكفاح المسلّح. واحتضنت سُوف الفكرةَ، وبدأ الرواد الأوائل يجلبون السلاح ويجمعونه ويرسلونه لمنطقة الأوراس عبر مدينة بسكرة. و كان أبناء الزاوية التجانية بقمار مِن أوائل مَن الْتحق بهذا التنظيم الحرّ، ولحق بهم ثلّة من المقاديم والأحباب، منهم من قضى نحبه وكُتِبَت له الشهادة، ومنهم من نال شرف الجهاد والحياة ليعيش ويرى راية الوطن خفّاقة، ومؤسّساته تُشيّد، والوطن يسير بخطى ثابتة نحو الغد الأفضل.

النهضة الثقافية العلمية التي يقودها الخليفة الحالي الشيخ سيدي محمد العيد الثالث التجاني:

نسجّل أنّ الأستاذ الدكتور الشيخ سيّدي محمد العيد التجاني رضي الله عنه يقود نهضة في منطقة سُوفْ، ومنطلقها الزاوية التجانية بقمار، الذي أقام بها مركّبا ثقافيّا حديثا. تحفة معمارية على الطراز العربيّ الإسلاميّ تضمّ مجموعة من الأجنحة، كالمكتبة، وقاعة الأنترنيت، وجناح تعليم القرآن الكريم، وجناح المعرفة مخصّص للمحاضرات. وما فتىء الخليفة الشيخ سيّدي محمد العيد الثالث - أيّده الله - يحضّ الشباب على نهل العلم وحصد الشهادات الجامعية والبحث الجاد، ولقد أقام الندوات الثقافية الصيفية لإحداث اللّحمة بين الشباب، وبثّ روح العلم والعمل فيهم، ليصوغ من هاته الطاقة الحيّة للأمّة عناصر تمتاز بحسن الخُلُق ومتانة التديّن، مفيدة للعباد والبلاد.

0 التعليقات:

إرسال تعليق